15. كتاب الأذكار
- باب فضل الذكر والحث عليه
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" ((متفق عليه)). وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس” ((رواه مسلم)). وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه" وقال: "من قال سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" ((متفق عليه)). وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل" ((متفق عليه)). وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده" ((رواه مسلم)). وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله، والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السماوات والأرض" ((رواه مسلم)). وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلامًا أقوله. قال: "قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم” قال فهؤلاء لربي، فما لي؟ قال: "قل اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني" ((رواه مسلم)). وعن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا ، وقال : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام “ قيل للأوزاعي ، وهو أحد رواة الحديث : كيف الاستغفار ؟ قال : يقول : أستغفر الله أستغفر الله " ((رواه مسلم)). وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال : "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" ((متفق عليه)). وعن عبد الله ابن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يقول دبر كل صلاة، حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . لا حول ولا قوة إلا بالله ،لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل وله الثناء الحسن. لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . قال ابن الزبير: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهلل بهن دبر كل صلاة. ((رواه مسلم)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: "ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال: يحجون، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون. فقال: "ألا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "تسبحون، وتحمدون، وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة، لما سئل عن كيفية ذكرهن، قال: يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثًا وثلاثين. ((متفق عليه)). وزاد مسلم في روايته: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، وفعلوا مثله؟ فقال رسول الله: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء". ((الدثور))جمع دثر- بفتح الدال و اسكان الثاء المثلثة- و هو: المال الكثير. وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” ((رواه مسلم)) وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "معقبات لا يخيب قائلهن -أو فاعلهن- دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثًا وثلاثين تسبيحة وثلاثًا وثلاثين تحميدة، وأربعًا وثلاثين تكبيرة" ((رواه مسلم)). وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر الصلوات بهؤلاء الكلمات: "اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من فتنة القبر” ((رواه البخاري)). وعن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبك" فقال: "أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك". رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال" ((رواه مسلم)). وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت" ((رواه مسلم)). وعن عائشة رضي الله عنه قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" ((متفق عليه)). وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" ((رواه مسلم)). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم" ((رواه مسلم)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء" ((رواه مسلم)). وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: “اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره" ((رواه مسلم)). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فتحسست، فإذا هو راكع.-أو ساجد- يقول: "سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت" ، وفي رواية: فوقعت يدي على بطن قدميه، وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" ((رواه مسلم)). وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة!" فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: "يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة" ((رواه مسلم)). قال الحميدي: كذا هو في كتاب مسلم : ((او يحط)) قال البرقاني: ورواه شعبة و ابو عوانة, و يحيى القطان, عن موسى الذي رواه مسلم من جهته فقالوا:((و يحط)) بغير الف. وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" ((رواه مسلم)). وعن أم المؤمنيين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحي وهي جالسة، فقال: "مازلت على الحالة التي فارقت عليها؟" قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد كنت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته" ((رواه مسلم)). وفي رواية له: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته". وفي رواية الترمذي: ألا أعلمك كلمات تقولينها؟ سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته". وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، مثل الحي والميت" ((رواه البخاري)). ورواه مسلم فقال: "مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثل الحي والميت". وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإٍ ذكرته في ملإٍ خير منهم" ((متفق عليه)). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبق المفردون" قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون الله كثيرًا والذكرات" ((رواه مسلم)). وروي : (( المفردون )) بتشديد الراء وتخفيفها والمشهور الذي قاله الجمهور : التشديد. وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضل الذكر: لا إله إلا الله". رواه الترمذي وقال حديث حسن. وعن عبد الله بن بشر رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به قال: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله". رواه الترمذي وقال حديث حسن. وعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: سبحان الله وبحمده، غرست له نخلة في الجنة". رواه الترمذي وقال حديث حسن. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقيت إبراهيم صلى الله عليه وسلم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر". رواه الترمذي وقال حديث حسن. وعن أبي الدرداء، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟" قالوا: بلى، قال: "ذكر الله تعالى". رواه الترمذي وقال الحاكم أبو عبد الله إسناده صحيح. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى -أو حصى- تسبح به فقال: "أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا - أو أفضل" فقال: "سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك". ((رواه الترمذي وقال: حديث حسن)). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟" فقلت: بلى يا رسول الله قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله" ((متفق عليه)).
- باب ذكر الله تعالى قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا ومحدثًا وجنبا وحائضًا إلا القرآن فلا يحل لجنب ولا حائض.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه. رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضى بينهما ولد لم يضره " ((متفق عليه)).
- باب ما يقوله عند نومه واستيقاظه
عن حذيفة، وأبي ذر رضي الله عنهما قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: "باسمك اللهم أموت وأحيا" وإذا استيقظ قال: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور" ((رواه البخاري)).
- باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله عز وجل، تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم - وهو أعلم: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك، فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا لا والله ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني؟! قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدًا، وأكثر لك تسبيحًا فيقول: فماذا يسألون؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة. قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟! قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلبًا، وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوذون؟ قال يقولون: يتعوذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: ولا والله ما رأوها. فيقول: كيف لو رأوها؟! قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد فرارًا، وأشد لها مخافة. قال: يقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم" ((متفق عليه)). وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله ملائكة سيارة فضلا يتتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر، قعدوا معهم، وحف بعضهم بعضًا بأجنحتهم حتى يملئوا ما بينهم وما بين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، فيسألهم الله عز وجل - وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض: يسبحونك، ويكبرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك. قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا، أي رب. قال: فكيف لو رأوا جنتي؟! قالوا: ويستجيرونك. قال: ومم يستجيروني؟ قالوا: من نارك يا رب. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، فيقول: قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم ما استجاروا. قال: فيقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر، فجلس معهم، فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم". وعنه وعن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده" ((رواه مسلم)). وعن أبي واقد الحارث بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما هو جالس في المسجد، والناس معه، إذ أقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب واحد، فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة، فجلس فيها وأما الآخر، فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبًا. فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما أحدهم، فأوى إلى الله، فآواه الله ، وأما الآخر فاستحيى فاستحيى الله منه، وأما الآخر، فأعرض، فأعرض الله عنه" ((متفق عليه)). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج معاوية رضي الله عنه على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله. قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل حديثًا مني: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: "ما أجلسكم؟" قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا. قال: "آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟" قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذلك". قال: "أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة" ((رواه مسلم)).
- باب الذكر عند الصباح والمساء
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأتِ أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد" (( رواه مسلم)). وعنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة! قال: "أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك" ((رواه مسلم)). وعنه عنه النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول إذا أصبح: "اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور". وإذا أمسى قال: "اللهم بك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير". رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن. وعنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: "اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه" قال: "قلها إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك". رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم، إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له" قال الراوي: أراه قال فيهن: "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكبر، رب أعوذ بك من شر ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب النار، وعذاب في القبر" وإذا أصبح قال ذلك أيضًا: "أصبحنا وأصبح الملك لله" ((رواه مسلم)). وعن عبد الله بن خُبيب -بضم الخاء المعجمة- رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ: قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح، ثلاث مرات، تكفيك من كل شيء". رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح . وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، إلا لم يضره شيء". رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح .
- باب ما يقوله عند النوم
وعن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: "باسمك اللهم أحيا وأموت" ((رواه البخاري)). وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ولفاطمة، رضي الله عنهما: "إذا أويتما إلى فراشكما، أو: إذا أخذتما مضجعكما - فكبرا ثلاثًا وثلاثين، وسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين" وفي رواية: التسبيح أربعًا وثلاثين" وفي رواية: "التكبير أربعًا وثلاثين" ((متفق عليه)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه؛ إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها، فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين" ((متفق عليه)). وعن عائشة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه، وقرأ بالمعوذات ومسح بهما جسده. ((متفق عليه)). وفي رواية لهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات". ((متفق عليه)). قال أهل اللغة : (( النفث )) نفخ لطيف بلا ريق وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت، مت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول" ((متفق عليه)). وعن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا أوى فراشه قال: "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مئوي" ((رواه مسلم)). وعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده، ثم يقول: "اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك". ((رواه الترمذي وقال حديث حسن ورواه أبو داود من رواية حفصة رضي الله عنه وفيه أنه كان يقوله ثلاث مرات)).