19. كتاب الاستغفار
- باب الأمر بالاستغفار وفضله
وعن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" ((رواه مسلم)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" ((رواه البخاري)). وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا، لذهب الله تعالى بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم" ((رواه مسلم)). وعن بن عمر رضي الله عنه قال: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: "رب اغفر لي، وتب على إنك أنت التواب الرحيم" ((رواه أبوداود والترمذي)). وقال : (( حديث حسن صحيح غريب )) . وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من لزم الاستغفار ، جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أبو داود. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، غفرت ذنوبه ، وإن كان قد فر من الزحف" ((رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقال: حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم)). وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سيد الإستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة” ((رواه البخاري)). (1) - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته ، استغفر الله ثلاثاً وقال: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ياذا الجلال والإكرام" قيل للأوزاعي- وهو أحد رواته: كيف الإستغفار؟ قال: يقول: "أستغفر الله ، أستغفر الله" ((رواه مسلم)). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل موته "سبحان الله وبحمده، أستغفر الله، وأتوب إليه" ((متفق عليه)). وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني ، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة" . (2) وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر النساء تصدقن، وأكثرن من الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار" قالت امرأة منهن: مالنا أكثر أهل النار؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير مارأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت: ما نقصان العقل والدين؟ قال" "شهادة امرأتين بشهادة رجل، وتمكث الأيام لا تصلي" ((رواه مسلم)).
باب بيان ما أعد الله للمؤمنين في الجنة
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “يأكل أهل الجنة فيها ، ويشربون ، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير، كما يلهمون النفس" ((رواه مسلم)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قال الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} ((السجدة:17)) ((متفق عليه)). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يتمخطون، أمشاطهم الذهب، وريحهم المسك، ومجامرهم الألوة -عود الطيب- أزواجهم الحورالعين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء" ((متفق عليه)). وفي رواية للبخاري ومسلم: آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ، ولا تباغض: قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشياً. قوله: (على خلق رجل واحد). رواه بعضهم بفتح الخاء واسكان اللام وبعضهم بضمهما وكلاهما صحيح. وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سأل موسى صلى الله عليه وسلم ربه، ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة-الجنة، فيقال له : ادخل الجنة، فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقول له: أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت يا رب فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهيت نفسك، ولذت عينك، فيقول: رضيت رب، قال رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت؛ غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر" ((رواه مسلم)). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني لأعلم آخر النار خروجاً منها، وآخر أهل الجنة دخولاً الجنة، رجل يخرج من النار حبوا؛ فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فيرجع ، فيقول: يا رب وجدتها ملأى، في سورة يقول الله عز وجل له : اذهب فادخل الجنة ، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع، فيقول: يا رب وجدتها ملأى! فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي، أو تضحك بي وأنت الملك” قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه فكان يقول: "ذلك أدنى أهل الجنة منزلة" ((متفق عليه)). وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً، ((متفق عليه)).«الميل» : ستة آلاف ذراع وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة سنة ما يقطعها " ((متفق عليه)). وروياه في "الصحيحين" أيضاً من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: "يسير الراكب في سورة في ظلها سنة ما يقطعها". وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ملا بينهم" قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: “بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين" ((متفق عليه)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقاب قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس أو تغرب" ((متفق عليه)). وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة. فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً! فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً!" ((رواه مسلم)). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة كما تتراءون الكوكب في السماء" ((متفق عليه)). وعنه رضي الله عنه قال: شهدت من النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه: "فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" ثم قرأ {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} إلى قوله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}. ((رواه البخاري)). وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دخل أهل الجنة - الجنة- ينادي مناد: إن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبداً" ((رواه مسلم)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له: تمن فيتمنى ويتمنى، فيقول له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنيت ومثله معه" ((رواه مسلم)). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا مالم تعط أحداً من خلقك! فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً" ((متفق عليه)). وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر، وقال: "إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته" ((متفق عليه)). . وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة -الجنة- يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطو شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم" ((رواه مسلم)). قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم* دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} ((يونس:9،10)). الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد. قال مؤلفه رضي الله عنه : " فرغت منه يوم الاثنين رابع شهر رمضان سنة سبعين وستمائة".